skip to Main Content

نظرة المجتمع إلى الولد الّلقيط

أجرت إحدى المحطّات التلفزيونيّة مقابلة مع شابّ لم يكن يعاني أيّ مشكلة صحيّة أو إعاقة بدنيّة. إلاّ أنّه كان غير قادر على التّنقّل أو الحصول على وظيفة. فهو لم يحصل على هويّة بسبب كونه “ولدًا غير شرعيّ”. هذه حالة من حالات كثيرة في لبنان للأولاد اللّقيطين. فعلى الرّغم من عمل عدد من المؤسّسات الاجتماعيّة لإيوائهم وتعليمهم ودمجهم في المجتمع، وإثبات أنّهم ليسوا بالضّرورة غير شرعيّين، إذ يُصار إلى إعطائهم صفة “ذوي الظّروف الخاصّة”، ما زالوا يعانون أوضاعًا غير قانونيّة بالإضافة إلى حرمانهم من الوالدين وإدانة المجتمع لهم، إذ يُنعتون بأولاد الخطيّة والزنى. فيحملون هذا العار مدى الحياة ويعامَلون بدونيّة واحتقار، ممّا يجرّ بعضهم إلى الانحراف والسّير في طريق السّوء.

أخبرني أحدهم عن زميلة له حملت في خطوبتها وأبَت أن تُجهض الولد، وتزوّجت أخيرًا من خطيبها وأنجبت طفلها. إلاّ أنّ أهل زوجها استمرّوا يُنكرون حفيدهم قائلين إنه “ولد غير شرعيّ”. ثمّ علّق قائلاً “إنّها فتاة غبيّة، إذ كان من الأفضل لها لو أجهضت هذا الولد من دون علم أحد”. وكأنّ خطيّة القتل هي أقلّ فداحة من خطيّة الزّنى. وقد سمعت أيضًا عن أزواج عقيمين رفضوا التبنّي، على الرّغم من سموّ معنى التبنّي في الدّيانة المسيحيّة، خوفًا من أن يُنعت الولد عندما يكبر بابن زانية.

غريب مجتمعنا، فهو يدين مَن ليس له ذنب ويُشرّع أحيانًا الخطايا الفادحة كالإجهاض. ويتنكّر لِمَن يتحمّل مسؤوليّة خطئه، ويُتعب مَن أراد فعل الخير كالتّبنّي، وكلّ ذلك تحت غطاء مجتمع متديّن ومحافظ. ألم يَدِن الرّبّ يسوع مثل هذا المجتمع الّذي يهتمّ بالقشور وينسى الجوهر ويتظاهر بالتّقوى، وهو بعيد كلّ البعد عن الدّيانة الحقيقيّة؟ ألا يُحذّرنا الكتاب المقدّس من المراءاة ويُوضّح لنا أنّ الدّيانة الحقيقيّة هي في افتقاد اليتامى؟ فكم بالحريّ هؤلاء الّذين وُلدوا من دون عائلة أو هويّة، الّذين يتمنّى بعضهم لو انتهت حياته عند الولادة قبل أن ينجو بأعجوبة على أبواب المياتم أو دور العبادة. فلنمارس مسيحيّتنا ولننظر بعين المحبّة إلى ذوي الظّروف الخاصّة، ولنُحسن إليهم على رجاء أنّ القانون يسهّل تبنّي مثل هؤلاء، فيعيشون ضمن عائلات ويختبرون معنى البنوّة. وما رسالة المسيح في الأرض سوى ضمّ البعيدين عن الآب السّماويّ وجعلهم أبناء له بالتبنّي، وذلك بفضل نعمته ومن دون أيّ استحقاق فيهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top
×Close search
Search