الاختيار الصحيح
عزيزتي ،هل حدث وأن اصطحبت ابنك الصغير معك للتسوق إلى متجرٍ كبيرٍ،وهناك بدأت صعوبة ضبط طفلك ،فقد انبهرَ بما رأى وأراد أن يأخذ جميع ما وقعت عليه عينيه دون تمييزٍ بين المناسب والغير مناسب،فدار النقاش بينك وبينه وطلبت منه أن يختارَ صنفاً واحداً ،فرفضَ بشدة ،،واخيرا وبصعوبة وبعصبية سحبته خارج المتجر وأنت خجلة وشعرت بإحراجٍ أمام من بداخل المتجر،ورجعت البيت وانت مضطربة لأنك لم تتمكني من شراء جميع حاجاتك ولم تكملي مهامك….
الاختيار الصحيح…..السؤال هنا ،هل تَعلمَ ابنك في البيت منذ صغره أن يختاربين ما هو مناسب له وغير مناسب؟ما هو مفيد وغير مفيد، وما هو مسموح وغير مسموح،فمثلاًهل تعلم كيف يختار ملابسه المناسبة؟هل تعلم كيفَ يختار ألعابه أو اصدقائه أو حتى ما يحبُ من طعامٍ؟؟؟ هو يحتاج أن يتعلم الإختيار الصحيح …لكن لماذا ؟؟
سيكون أمامه في المستقبل إختياراتٍ كثيرةٍ مهمةٍ تؤثرُ على حياته ،مثل اختيار نوع دراسته،مهنته،شريك حياته،مواقفه وقراراته وسط أي مشكلة في عمله، واكثر وأكثر….
يعتقدُ بعض الأهل أن إصدار الأوامر بشكلٍ متسلط ،والضغط على أبنائهم في اختيار ما يُرضي الأهل ،وفرض السيطرة عليهم،هي الحل الأمثل في تربية الأبناء ،ولكن الحقيقة أن هذه الطريقة تؤثرُ بشكلٍ سلبيٍ على شخصية الطفل في المستقبل وتفقده الثقة بنفسه واختياراته، وبالعكس فالتساهل المطلق معه يجعله لا يحترم القوانين ولا يميز في اختياراته بينَ ما هو مفيد له وغير مفيد، ما هو صحيح وما هو خطأ،لذلك علينا كأهل أن نضع الحدود للممنوع والمسموح، للمناسب والغير مناسب للطفل منذ صغره وتوضيح الأسباب ،وإفساح المجال له باختيار بين عدة أشياء مناسبة ،مع سماع النصيحة في البيت ،قبل أن ينطلق إلى العالم خارج البيت، فمثلاً في البيت نضع أمامة خيارين لللُعبة التي سيلعب بها ونجعله يختار وهكذا بالتدريج يستطيع ان يختار بين أشيء أكثر وأكثر…
وفوق كل الاختيارات وأهمها هو اختيار مبادئ حياته وسلوكه وتصرفاته ،يختار بين ما يُرضي الله خالقه في قلبه ،فالله خلقنا وميزنا عن خلائقه، مخلوقاتٍ حرة الاختيار،ووضع امامنا طريق الحق والصلاح وحذرنا من الخطية وطريق الشر التي لا ترضي قلب الله،فهل نُعلم الطفل الاختيار ؟؟ أم هو يخضع لما يُجبره ويقوله الناس بشأنِ عمله واختياره .
يخبرنا الإنجيل عن قصة ذكرها السيد المسيح أمام تلاميذه؛عن الإبن الذي عندما اصبح شاباً وأصبح عليه مسؤولية أخذِ القرار بنفسه ،لم يستطيع أن يختار بين الصح والخطأ،طلب المال من والده وأخذه وسافر لبلدٍ بعيدٍ يطلب الحرية وهناك صرف أمواله بكل ما هو غير مفيد وغير مناسب وجمع حوله أصدقاء السوء،وحتى أنه اختار طريق الشر والبُعد عن الله،وبعدما خسر كل ماله جلس وفكر في حالته التي وصل لها!!!!
وأصبح هذا الشاب أمام اختيارين:إما أن يقوم ويرجع ويطلب الغفران من والده ،أو أن يستمر في الشروينصاع لأصدقاءه والبعد عن أهله وطريق الحق.
تُرى هل سيقف أبنائنا هذا الموقف؟؟؟ نعم ففي المستقبل أمام ظروف الحياة سيكون أمامهم طرق كثيرة للاختيار،فهل نعلمهم أن يفكروا؟؟ يميزوا؟؟ ويختاروا ما هو حق؟؟ أم نضغط عليهم ونتسلط على طريقة تفكيرهم؟؟
لكن ما يُفرح في القصة التي ذكرها السيد المسيح أن الإبن اختار الطريق الصحيح ورجع لبيتِ أبيه وطلب الغفران منهُ،وهكذا يريد أن يعلمنا السيد المسيح ويعلم أبنائنا أن هناك مسالك وطرق كثيرة حولنا ولكن علينا أن نطلب من الله خالقنا الحكمة لإختيار الطريق الحق.
وكما جاءت الوصية في سفر التثنية أصحاح30 وعدد15 و16 :
“أنظرقد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر ،بما اني اوصيتك اليوم ان تحب الرب الهك وتسلك في طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه واحكامه لكي تحيا وتنمو ويباركك الرب الهك”
نجوى